الدولار هو العملة الأكثر هيمنة في الإقتصاد العالمي ، وهذه حقيقة يعرفها الجميع تقريبا ، لكن ما هي أسباب هذه الهيمنة الغير مسبوقة في التاريخ ، والتي جعلت من الولايات المتحدة الأمريكية قوة لا تقهر في مختلف المجالات ، وخصوصا الإقتصاد الذي تتربع أمريكا على عرشه دون منازع ، فلماذا أصبح الدولار عملة عالمية ؟

بعد الحرب العالمية التانية

كان دخول الولايات المتحدة الأمريكية للحرب العالمية الثانية ، بعد أن قصفت اليابان قاعدة بيرل هاربر ، بمتابة التحول الكبير في موازين القوى الدولية ، حيث أدى وجود الولايات المتحدة ضمن قوات الحلفاء إلى تغير موازين القوى ، الأمر الذي عجل بنهاية الحرب العالمية الثانية وكذلك انتصار الحلفاء.

  ، لكن الولايات المتحدة الأمريكية جنت ثمار هذه الحرب ، عبر تزويد الحلفاء بالمؤمن ، وتعويض النقص الغدائي والدوائي والصناعي الذي تسببت فيه الحرب ، وقامت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ،  بالمساهمة بشكل قوي في إعادة إعمار أوربا وربطت بذلك أقتصادها بمجموعة من الدول الصناعية التي تشكل القوة الرأسمالية العالمية .

الدولار و الذهب

ارتبطت قيمة الدولار بالذهب وهذا يرجع لقوة الإقتصاد الأمريكي ، حيث كان يمكن تحويل الدولار إلى سبائك ذهب بسهولة بالغة ، حيث ربطت أمريكا عملتها بالذهب وربطت جميع الدول عملتاها بالدولار وذلك عبر اتفاقية دولية ، ورغم أن الرئيس الأمريكي نيكسون قام بفك ارتباط الذهب بالدولار سنة 1971 ، وذلك بسبب طغوطات دولية من اليابان وألمانيا ، وتكاليف حرب فيتنام التي أنهكت الميزانية الأمريكية ،  إلا أن الدولار حافظ على تفوقه وقوته بين باقي العملات .

الهيمنة الإقتصادية الأمريكية

أمريكا هي أكبر مصدر ومستورد في العالم ، كما أنها تملك أكبر ناتج إجمالي محلي على مستوى العالم ، ويعد المستهلك الأمريكي بدخله الفردي المرتفع ونمط عيشه الإستهلاكي النشيط بمتابة المحرك النشيط للإقتصاد الأمريكي والعالمي ، كما أن المنتجات الأمريكية تجد طريقها لجل الأسواق الدولية ، سواء المنتجات الصناعية أو الغدائي أو الثقافية ، فالولايات المتحدة موطن للعديد من الشركات الشهيرة مثل كوكا كولا وماكدونالز ، وتحضى منتجاتها الترفيهية باستهلاك عالمي كأفلام هوليود وغيرها .

الثقة في الإقتصاد الأمريكي

يستطيع الإقتصاد الأمريكي حماية نفسه من الهزات المالية الدولية ويوفر العلاج لمختلف التحديات الإقتصادية ، لأن الشركات متعددة الجنسيات الأمريكية تقف سدا منيعا أمام الأزمات الإقتصادية ، كما أن تبات سعر صرف الدولار وقوته الشرائية يساهم بشكل كبير في استقرار الإقتصاد الأمريكي والعالمي .

عملة الاحتياط والتبادل

تملك جميع دول العالم تقريبا أحتياطيا نقديا من الدولار الأمريكي ، وهذا الإحتياطي مهم للغاية لأنه يمكن الدول من الإنخراط في الإقتصاد العالمي ، وفي حالة عدم توفر الدولار قد تحتاج تلك الدول خصوصا الفقيرة وذات الإقتصاد الضعيف إلى إقتراض هذه العملة الإستراتيجية لكي تتمكن من إستيراد السلع من الأسواق العالمية ، لأن العملات المحلية تكون ضعيفة وغير قابلة للصرف خارج حدودها الجغرافية ، لذلك تحتاج الدول لعملة قوية ومستقرة الصرف تحضى بصمعة جيدة كالدولار ، أو حتى اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني  ، وبعض العملات الأخرى التي أضحت تزاحم الدولار في المبادلات التجارية الدولية مثل الليوان الصيني .

البيترودولار

تعد اتفاقية البيترو دولار أحد ركائز قوة العملة الأمريكية ، حيث لا تستطيع أي دولة أن تشتري النفط إلا باستعمال عملة الدولار ، ولأن النفط هو عصب الطاقة الدولية ويدخل في مختلف الصناعات ، كما أنه مادة استرتيجية تتحرك الأسواق على نبضها صعودا ونزولا ، فإن ارتباط الدولار بالنفط يمنحه قوة لا يمكن زحزحتها بسهولة من عرش العملات .

لا بديل عن الدولار

رغم تنوع العملات النقدية في مختلف دول العالم ، ونجاح بعضها في مزاحمة الدولار على الهيمنة النقدية العالمية ، مثل عملة اليورو التي تتعامل بها دول الإتحاد الأوربي ، أو الين الياباني والليوان الصيني رغم كون هاتين العملتين تشكلان قوة إقتصادية لا يستهان بها فالصين تعد ثاني أكبر إقتصاد عالمي وتتبعها اليابان ، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تبقى هي الأولى ، حيث يستعمل الدولار في 90% من العقود التجارية الدولية تقريبا .