كثيرا ما نقرأ كتبا تلهمنا أو تحبطنا وأحينا تصيبنا بالصدمة ، لكن هناك فرق كبير بين أن تعرف نفسك من شخص ينتمي لمحيطك الحضاري ، وبين أن تعرفها من شخص قادم من وراء الحدود ، نوبوأكي نوتوهارا شخص ياباني عاش بين العرب لأربعين سنة ، وكتب عن تجربته معهم في كتابه العرب وجهة نظر يابانية.

كان ذلك الكتاب بالنسبة لي كشخص يحب اليابان ، ويهتم بمطالعة أي شيء يتعلق بها بمثابة التجربة المهمة ، كيف لا وأنا على وشك قرأت كتاب يتحدث عنا كعرب من وجهة نظر يابانية .

 اعتدت على سماع رأي العرب في العرب والذي يكون غالبا يتسم بالعاطفة السلبية وجلد الذات ، تلك الكلمات التي نتبادلها فيما بيننا لنعبر عن ما نعيشه وما نتمناه .

بدء نوبوأكي نوتوهارا كتابه بمقدمة حازت ثلاث صفحات ثم ما لبث في الحديث عن ما عرفه عنا :

مقتطفات من الكتاب

غياب العدالة الاجتماعية 

تحدث الكاتب عن ما رآه المبدأ الأساسي الذي يعتمد عليه الناس في العيش بطريقة سليمة ومزدهرة , حيث لاحظ غياب الديمقراطية , وانتشار ظاهرة القمع وخوف الناس في العالم العربي من التعبير عن ما يجول في خاطرهم , ثم قال أن نفس الأمر قاد اليابان في الماضي نحو التخلف والجهل والحروب المجنونة كما سماها .

والتي انتهت بدمار اليابان خلال الحرب العالمية الثانية  ,  ثم أضاف أن اليابانيين استفادوا من  تلك التجارب المؤلمة وتمكنوا من تصحيح أخطأهم , وقال أيضا أن الإنسان بحاجة إلى النقد مهما كانت وظيفته ليتمكن من التغيير وإلا أنحدر إلى الحضيض .

ثقافة الأنا وثقافة الأخر

في تعريفه لوجهة نظره حول علاقة الأنا بالأخر , اقتبس الكاتب بعض من الأمثل لكتاب من ثقافات مختلفة , حيث يرى الناقد الياباني شواتي كاتوفي , أن العلاقة بين اليابانيين أصبحت ضعيفة.

أي أن الفرد الياباني منعزل على نفسه ومنكمش تجاه الآخرين  , ويعتقد الناقد أنه من الجيد أن نعتبر الأخر موجودا وجودا حيا مثلنا تماما , وأن يكون لنا وعيا أن الآخرين يمتلكون مجتمعات مثل مجتمعاتنا , بمعنى أدق أن كل مجتمع إنساني يملك أوجه التشابه مع باقي المجتمعات .

القمع وعدم تحمل المسؤولية

يتحدث الكاتب في هذا الجزء من كتابه عن مشكلة القمع , التي ترسبت في العقل الجماعي العربي , وعن خوف الناس الذي يراه مبالغا فيه من الشرطة , ثم استهل حديثه عن مشكلة القمامة وانتشار القاذورات في الشوارع العربية , حيث أنه لاحظ أن المنازل نظيفة ومرتبة بينما الشوارع قذرة ومتسخة.

كما تحدث عن نظرة العرب للأملاك العامة كأنها عدو , فلا تخلو الحدائق من الكراسي المكسورة والمراحيض العامة قذرة وغير نظيفة هذا إن وجدت , وخلص إلى أنه لا يمكن فصل القمع عن عدم المسؤولية في المجتمع العربي .

 خلاصة

لم أقم بتلخيص الكتاب لكنني أردت أن أكتب بعض المقتطفات منه حتى أضع القراء الذي لم يطالعه بعد في الصورة, وحتى أفتح المجال أمام من يريد قراءة ذلك الكتاب دون حرق الأحداث.

وجهة نظري حول كتاب العرب وجهة نظر يابانية

وأنا أقراء كتاب العرب وجهة نظر يابانية , لم أفكر مطلقا فيما قد يحتويه من نقذ قاسي أحيانا وموضوعي في مجمله , مازلت أعتقد أن العرب رغم أنهم يتحدثون لغة واحدة , لا يتشابهون كثيرا في طبيعة دولهم .

حيث تختلف طريقة العيش من بلد لأخر ومن شعب لأخر , رغم التشابه الكبير الذي قد يتميز به المغاربيين مثلا أو الخليجين , إلا أن لكل بلد بعض من خصوصياته , صحيح أننا مازلنا نعيش في تخلف حضاري كعالم عربي , إضافة للكثير من الحروب والصراعات , لكن علاقتنا مع بعضنا تختلف باختلاف البيئة التي نعيش فيها.

وإن كنت لست متفائل بالمجمل إلا أن الكتاب كان غير شامل بالمرة , كان سيكون أفضل لو تحدث الكاتب فقط عن الدول التي زارها , لأن تلك النظرة التي سوقها في كتابه العرب وجهة نظر يابانية , وإن كانت تحمل الكثير من الصدق , إلا أنها أغفلت الكثير من الأمور والتي أضن أنه يجب أن تذكر .

لكن بالرجوع لتاريخ نشر الكتاب مطلع العقد الأول من الألفية الثالثة , أضن أنه علي الشعور ببعض الأمل , بسبب التغيير الذي حدث منذ تلك الفترة وإلى الآن , أستطيع أن أقول أن العالم العربي بدأ يتغير نحو الأفضل رغم كل تلك المآسي التي تطبع حاضرنا .