لا شك ان العيش في حضن الطبيعة يجعلك تحصل على تجربة مميزة ، خصوصا في عالمنا المتمدن الذي أصبحنا معه منعزلين عن كل ما هو طبيعي ، فنحن نعيش في عالم سريع للغاية ، ونحن معه نمضي بسرعة دون أن ننظر لما هو داخلي .

 لذلك يحتاج الانسان بين الفينة والأخرى ، الى ان يزور الطبيعة ليكتشف ما يغيب عنه من اشياء ، وخلال هذا المقال سوف نتطرق للأسباب التي تدفعك عزيزي القارئ للعيش وسط الطبيعة .

الراحة النفسية

خرير المياه والطبيعة الخضراء وأصوات زقزقة الطيور وغيرها ، اهلا بك في حضن الطبيعة ، حيث تكون بعيدا كل البعد عن ضجيج المدن وضغوط الحياة السريعة .

كل هذا يجعل النفس ترتاح وتألف البقاء ، فلا يوجد مكان افضل من الطبيعة ليشعر الانسان بالراحة النفسية ، ولعلك عزيزي القارئ قد لمست هذا الشعور في وقت سابق ، عندما زرت أو حتى مررت عبر مكان طبيعي جميل .

خصوصا إذا توفر فيه نبع ماء أو نهر أو بحر ، لسبب ما تجعل الطبيعة بكل تجلياتها الانسان يشعر بالراحة والهدوء ، وهذا سبب جوهري وأساسي يدفعك للعيش وسط الطبيعة .

الاعتماد على النفس

العيش بعيدا عن الكهرباء والماء والجدران الاسمنتية ، بالإضافة لعدم وجود متجر لشراء المواد الغذائية في الشارع المقابل ، كل هذه الأشياء التي بالتأكيد لن تجدها إن عشت في حضن الطبيعة ، وبعيدا عن المدن والحضارة أنت بالتأكيد مطالب بتدبر نفسك بما لديك .

سيكون عليك البحث عن مأوى ، وإيجاد مصدر للمياه ، وصيد طعامك أو إيجاد مكان للحصول عليه ، طبعا نحن لا نتحدث هنا عن العيش كما كان يعيش البشر الأوائل ، فرحلتك هذه في الطبيعة يقصد بها نزهة او سفر لبضعة أيام ، لكن خلال تلك الرحلة ستصادف العديد من المشاكل لا شك في ذلك ، حتى إشعال النار سيكون تحديا .

يمكنك بطبيعة الحال ان تستعين ببعض من وسائل التخييم الحديثة ، وهي ستخفف بالتأكيد من صعوبة الحياة وسط الطبيعة ، ورغم ذلك فإنك ستتعلم الاعتماد على النفس ، خلال رحلتك .

اكتشاف معنى الحياة

وجودك وحيدا في عزلة يجعلك تفكر في نفسك ووجودك ، حتى لو كنت من الاشخاص الذين لا يفكرون في ما هو أبعد من ما هو واضح ، أنت وحيد مع أفكارك لابد لك من مراجعة نفسك ، والتفكير في ماضيك وحاضرك ومستقبلك .

اكتشاف معنى الحياة أمر مهم جدا ، يجب على كل انسان أن يفكر به ، وفي حضن الطبيعة يتطلع العقل دائما لمعرفة ما يحدث ، لأن صفاء الذهن يجعل الروح تهدأ ويعين الإنسان شحن نفسه ومعرفة حقيقة وجوده .

لقد كانت العزلة طوال تاريخ البشرية ، مصدرا مهما لأعظم الافكار والقيم والمعتقدات ، الإنسان خلق ليكون مميزا ، وكل شخصية عظيمة في التاريخ ، سبق لها وعاشت عزلة في مكان ما بعيد عن البشر وقريب من الطبيعة .

الندرة تعلم الزهد

في منزلك توجد ثلاجة وكهرباء ، ومهما كان مستواك المادي فإنك تستطيع الحصول على ما تريد من طعام وخدمات ، لكن في البرية والغابات والصحاري والجبال وكل الأماكن المنعزلة ، لن يتوفر لك سوى القليل من الموارد .

فأنت لا تستطيع حمل ثلاجة فوق ظهرك ، لذلك سيكون عليك أن تتعلم كيف تعيش وفق ما يتوفر لديك ، الاقتصاد في الطعام وشاحن الهاتف والأنوار التي لديك ، سيكون بمثابة أمر هام للغاية ، خصوصا الماء الذي يعد كنزا غاليا جدا عندما لا تكون قريبا من مصادره .

التعايش مع الندرة يجعلك تصبح إنسانا مختلفا ، وهذه الثقافة المهمة جدا خصوصا في عالمنا الحالي ، الذي يتغير بسرعة ولا أحد منا يعرف ما يخبئه المستقبل ، لذلك فتجربة مثل العيش في البرية ستكون عبارة عن تدريب مكثف لما قد تصادفه يوما ما .

الاستعداد لعالم ما بعد الحضارة

قد تكون مبالغة نوعا ما ، لكنها حقيقة قد تصادفها يوما ما دون أن تدري ، الأمان شعور جميل لكنه يتطلب الاستعداد لما قد يحدث بدونه ، العالم يتغير بسرعة واعتقد ان علينا ان نواكب هذه السرعة بالتعلم والاستعداد .

ماذا لو وجدت نفسك في عالم ما بعد الحضارة ماذا ستفعل !؟ هل تعرف ماذا عليك أن تفعل لتأمين الطعام والماء وإشعال النار وغيرها ، سواء كان جوابك نعم أم لا ، لا أريدك أن تشعر بالخوف هنا أو الثقة ، إنه مجرد سؤال لا غير .

العيش في البرية لفترة معينة أو لفترات متفرقة يعد تدريبا عمليا ، تدريب يؤهلك للتعامل مع الظروف بمختلف تجلياتها ، لذلك فإن تجربة كهذه ضرورية جدا للتعلم .

الحس العالي بالبيئة وحب الطبيعة

نحن البشر نخاف مما نجهل ، ولا نحب الأشياء التي لا نعرفها ، لذلك فالعيش في البرية هو حل مثالي لنتعرف على الطبيعة ونتعلم كيف نحترمها ونتعايش معها ، وهذا الأمر المهم ينبغ أن يكون من الأشياء التي لابد من تجربتها .

الطبيعة تعاني في صمت ، التلوث أصبح واقعا في كل مكان ، لذلك فنحن بحاجة لفهم عميق لما تعنيه الأرض ، وما يهمنا أكثر هو أن نشعر بأننا بحاجة للتعايش مع الطبيعة ، وحمايتها وأننا من دون بيئة نظيفة وآمنة سنعيش حياة لا تطاق .

هناك مناطق في عالمنا يعيش سكانها في رفاهية ، ومن أبرز تجليات تلك الرفاهية ورغد العيش هو الوسط الطبيعي النقي ، حيث القوانين التي تحمي البيئة ، والتعايش المتواجد هناك ولعل المثال الابرز على هذا المعنى هو دولة سويسرى .

قيمة الوقت

نوم أكل عمل أكل نوم ، روتين يومي نعرفه جميعا ، وإذا ما حصلنا على وقت ما لأنفسنا كنهاية الاسبوع أو الأعياد فهو يمر بسرعة البرق ، حياتنا سريعة جدا والوقت يجري دون أن نشعر به ، ونعتقد جميعا أن الحياة في حقيقتها هكذا .

وهذه ليست هي الحقيقة ، هل جربت من قبل أن تذهب للبادية ، وإن كنت قد عشت في البادية لبضعة أيام أو حتى ليومين ، لابد أنك شعرت بأن الوقت يمر ببطء ، حيث النهار طويل جدا والليل أيضا ، هذا الشعور بقيمة الوقت لا يكون بلا سبب .

حياة الريف والعيش في البرية ككل ، يجعلك تشعر بمعنى أن في اليوم أربعة وعشرين ساعة ، هذا الشعور نفتقده في المدن بسبب نمط العيش ، ووسائل الإعلام التي تسرق أوقاتنا ، فنحن لا نعيش كل ما نملكه من وقت بل يضيع من بين أيدينا ، في المواصلات وغيرها من الأشياء

خلاصة الرحلة

العيش في البرية ليس متاحا للجميع ، وليس ممكنا لكل من يريد تجربته ، هذا النمط من العيش يعتبر من أكثر وسائل العيش صعوبة ، الطبيعة البشرية تميل نحو الكسل والروتين ، لذلك فخوض تجربة مثل هذه يتطلب الكثير من الشجاعة .

تغيير نمط العيش والهروب من المدن إلى الريف ، ليس خيارا جيدا ولا أنصح به ، ولكن خوض تجارب متنوعة والعيش وفق قواعد البرية أمر جميل ويستحق التجربة ، لذلك يجب أن نجرب جميعا تجربة الترحال والسفر في أماكن معزولة عن العالم .

لان العزلة تفيدنا وتحقق لنا الكثير من المنافع التي نحتاجها في حياتنا ، وأضن أن مرة واحدة في العمر قد تكون كافية لنختار أسلوب حياة يناسبنا ، لقد خلق البشر لعيش حياة تختلف عن باقي الكائنات ، فنحن مخلوقات ذكية وتحب المغامرة ، لذلك أقول جرب ماذا تنتظر .